عدد الصفحات: 398 صفحة : الطبعة الأولى
غلاف عادي: لغة عربية
عبور الخطابات التاريخيّة والسرديّة إلى البيئات التعليميّة هو الجزء الثالث من كتاب "عبور التخصّصات والخِطابات: منهجيّات وتطبيقات في التعليم التكامليّ"، من تأليف: د. وائل كشك، يتبعه جزءان سينشران تِباعًا لإتمام المشروع.
ثمّة أربعة أُسس راسخة مؤسّسة لكتاب "عبور التخصّصات والخِطابات: منهجيّات وتطبيقات في التعليم التكامليّ"؛ أوّلها وأهمّها أنّ فهم أيّ موضوع أو تخصّص فهمًا عميقًا يتطلّب النظر في تشابكه مع مجالات وتخصّصات أخرى. فالمشكلات والتحدّيات الواقعيّة لا تقتصر على مجال واحد، ومن ثمّ فإنّ تحليلها وحلّها يتطلّبان تكاملًا بين التخصّصات المختلفة؛ إذ لم تعُد التخصّصات المستقلّة التقليديّة في النظام التربويّ كافية لإعداد الأجيال القادمة لتحدّيات القرن الحادي والعشرين. يضاف إلى ذلك أنّه يمكن الاستفادة من معارف كثيرة ضائعة في حال اجتياز الحدود بين التخصّصات المختلفة.
هذا الكتاب بأجزائه الأربعة، يمثّل رحلةً فريدةً في أعماق التجربة الإنسانيّة والمعرفيّة، رحلة تتجاوز حدودَ التعليم التقليديّ لتلامس جوهر الإنسانيّة وتستكشف إمكانات التعلم التكامليّ في سياقاتها. تفتح هذه التجربة نوافذ واسعة على آفاق جديدة في التعليم، وترسم مسارًا لا يخضع لقوالب جامدة أو مسارات محدّدة سلفًا.
التعليم في هذا الكِتاب ليس عمليّةً لنَقْل المعرفة فحسب، بل هو أيضًا فنٌّ يستمدُّ إلهامَه من كلّ شيء: من قصص الناس، ومن مشاهد الطبيعة، ومن النصوص النثريّة والشعريّة، وحتى من الأخطاء التي تصنع التعلُّم. كلّ تجربة في هذه الرحلة بمنزلة نهرٍ متدفّقٍ يَحمل معه آمالًا وطموحاتٍ وأفكارًا، ويلتفُّ ويتشعّب، ليفتح آفاقًا عند كلّ منعطفٍ؛ فما بدا نهايةً كان دومًا بدايةً لطريق آخر مليء بالاكتشاف والمعنى.
يتكامل هذا المشروع بأجزائه الأربعة ليقدّم منهجيّة تعليميّة شاملة تعزّز التفكير النقديّ، والتحليل البصريّ أو التاريخيّ، أو السرديّ. ومن خلال الربط بين هذه الأجزاء، يقدّم رؤية متكاملة تتيح للطلّاب والمعلّمين تطبيق المعارف والمهارات بطرائق متعدّدة ومتنوّعة، ممّا يثري العمليّة التعليميّة ويجعلها أكثر فاعليّة وتفاعلًا مع تحدّيات العصر الحديث.
الجزء الثالث: عبور الخطابات التاريخيّة والسرديّة إلى البيئات التعليميّة
ينطلق هذا الجزء من رؤيةٍ تسعى لإعادة تعريف دَور المعلّم ليكون موجّهًا ودليلًا يقود الطلّاب إلى فهم أعمق للمواضيع، بدلًا من الاقتصار على تقديم المعلومات. ومن خلال التركيز على الخطابين التاريخيّ والسرديّ، يصبح في إمكان المعلّمين توسيع آفاق الدروس التقليديّة على نحو يمنح المتعلّمين فرصة للاطّلاع على تجارب الماضي وفهم مغزى الأحداث والقصص من الناحيتين الاجتماعيّة والثقافيّة.
إنَّ عبور التخصّصات المدرسيّة التقليديّة ليس هدفًا في حدّ ذاته بقدر ما هو وسيلة لإثراء التجربة التعليميّة؛ إذ يصبح الطالب قادرًا على رؤية الروابط بين جوانب مختلفة من المعرفة، مثل التاريخ والأدب والفنّ والعلوم الاجتماعيّة.
ينقسم الجزء الثالث إلى ثلاثة أقسام رئيسة تشمل تسعة فصول مترابطة، يقدّم القسم الأوّل أسس التكامليّة والتواصليّة بين المعارف، ويستعرض المفاهيم الفلسفيّة والتاريخيّة للخطابَين التاريخيّ والسرديّ. بينما يتناول القسم الثاني سُبل تفعيل الخطاب التاريخيّ في التعليم عبر تحليل الخُطب والصور والوثائق والأفلام التاريخيّة، موفّرًا أنشطة ومهمّات عمليّة قابلة للتطبيق في الصفوف الدراسيّة. أمّا القسم الثالث فيركّز على الخطاب السرديّ بأشكاله الحكائيّة والأسطوريّة والقصصيّة والروائيّة، مبيّنًا كيف يمكن توظيفها لتعزيز الخيال والتحليل النقديّ وربط المعرفة بالواقع الثقافيّ والاجتماعيّ.
ينطلق هذا الجزء من رؤيةٍ تعتبر التعليم التكامليّ وسيلةً لإثراء التجربة التعليميّة لا مجرّد تنويع في المحتوى، إذ يدعو المعلّمين إلى أن يكونوا موجّهين ومرشدين في رحلة تعلمٍ قائمة على المعنى، تساعد المتعلّمين على الربط بين الماضي والحاضر، بين السرد والتاريخ، وبين المعرفة والإنسانيّة.
نأمل أن يجد المعلّمون والمتخصّصون في هذا الجزء دليلًا عمليًّا يمكّنهم من استثمار الخطابين التاريخيّ والسرديّ بطرائق متعدّدة، أكان ذلك في إطار المقرّرات المدرسيّة أم في الأندية الطلّابيّة والأنشطة الميدانيّة. ونتطلّع إلى أن يؤدّي هذا المحتوى إلى تعزيز روح النقد والابتكار لدى الطلّاب، وتمكينهم من فهم تراثهم التاريخيّ والثقافي فهمًا أكثر عمقًا، وأن يزوّدهم بأدوات فكريّة تُعينهم على تفسير عالمهم المعاصر والمساهمة الفاعلة في تطوّره.
لا بدّ من الإشارة إلى أنّ محتوى الأنشطة والمهمّات والمشاريع صُمّم بعناية ليكون متوازنًا بين الشموليّة والمرونة. لم نغرق في التفاصيل الدقيقة، ولم نقدّم "وصفات" بيداغوجيّة جاهزة، لأننا نؤمّن بقدرة المعلّمين على الاستفادة من هذه الأنشطة بطرائقهم وأساليبهم الخاصّة التي تتناسب مع احتياجاتهم. وفي مقابل ذلك، فإنّ ما تشتمل عليه من أنشطة ومهمّات ومشاريع لم تكن تعوزها المعلومات، بل حرصنا على تضمينها ما يقتضيه السياق من المعلومات التي توضّح المتطلّبات لتحقيق الأهداف التعليميّة المرجوّة.
وبهذا الإصدار، تُواصل إصدارات ترشيد التربويّة سعيها لتقديم محتوى علميٍّ ومهنيٍّ يسهم في تطوير الفكر التربويّ العربيّ، ويزوّد المعلّمين بالأدوات المفاهيميّة والتطبيقيّة لبناء بيئات تعلمٍ أكثر وعيًا وفاعليّة.
لمزيد من التفاصيل عن توزيع الكتاب تابعوا إصدارات ترشيد التربويّة على وسائل التواصل الاجتماعيّ: