تطوير برامج التربية العمليّة لمعلّمي ما قبل الخدمة ... سابع عناوين إصدارات ترشيد التربويّة
29 Oct, 2023

تحرص الكُتب والأدبيّات التربويّة، على نُدرة وجودها وتوافرها باللغة العربيّة، على تغطية جوانب تربويّة مُختلفة ضمن سياق واقع المُمارِس التربويّ. وبهذا، تمثّل هذه الكُتب أو المراجع محاولة إصلاح ومواكبة متأخّرة لمشكلات مُختلفة تواجه المعلّمين، ناهيك عن عدم التطرّق إلى العديد منها. وبالإشارةِ إلى الفرق الواسع بين دراسة التربية في الكلّيّات والجامعات، ومُمارستها واقعًا يوميًّا، يصبح الطالب/ المعلّم أمام واقع لا ينعكس فيهِ بشكل مباشر وواضح تطبيق النظريّات والأفكار التي درسها في الكلّيّة أو الجامعة. تُمهّد هذه النقطة تحديدًا الطريق لاختلال هويّة المعلّم، فهو بهذا يتخلّى نوعًا ما عن تجربته الأكاديميّة، ويستحضر ذهنيًّا صور معلّميه السابقين، ويُعيد إنتاجهم في سياق زمانيّ مكانيّ مُختلف.

في ظلّ المدخل أعلاه، حرصت إصدارات ترشيد التربويّة على إدخال فئة معلّمي ما قبل الخدمة في خضمّ اهتمامها. بما يمنحهم ذلك من إطار فكريّ تطبيقيّ تأسيسيّ لمرحلة مُمارسة مهنة التعليم.

ومن هُنا، أطلقت إصدارات ترشيد التربويّة دليل "تطوير برامج التربية العمليّة لمعلّمي ما قبل الخدمة في ضوء المدخل التأمّليّ السرديّ"، تأليف: د. وائل موسى كشك. يسعى الدليل، وهو سابع عناوين إصدارات ترشيد التربويّة، إلى تسليط الضوء والاهتمام بالمعلّمين المُحتملين، والذين يقدّم لهم إطارًا عمليًّا لتطوير برامج التربية العمليّة، مُتميّزًا بالعموميّة والمرونة، ويُمكن تكييفه واستخدامه في سياقات وظروف مُختلفة، إلى جانب تقديمهِ مقاربة مغايرة لبرامج تأهيل معلّمي ما قبل الخدمة، بالاستنادِ إلى أسس تربويّة وفلسفيّة ومعرفيّة حديثة.

 

المدخل التأمّليّ السرديّ: صقل الهويّة المهنيّة لتجدُّدٍ مستمرٍّ

يساعد هذا الدليل النظريّ التطبيقيّ معلّم ما قبل الخدمة في بناء هويّته المهنيّة بوصفهِ معلّمًا، ليصبح صاحب قصّة وتجربة، يفكّر بعقلهِ ليكون صاحب معرفة وإرادة متحرّرة من سطوة صور معلّميه السابقين واحتشادهم في هويّته. كما يقدّم إجمالًا لكلّ ما يحتاج معلّم ما قبل الخدمة أن يعرف من خلال نماذج تدريبيّة تطبيقيّة، ودعوة إلى سرد تأمّلات تجارب مُختلفة.

ويسعى الدليل إلى تقديم إطار عمليّ مطوّر واسع شامل ضمن إطار تأمّليّ سرديّ، من رؤية مؤدّاها أنّ الحقل التربويّ نظام ديناميّ حيويّ وغير ساكن، وأن مسار العمليّة التعليميّة ليس خطّيًّا كما في المصانع، فالعمليّة التعليميّة تخضع لواقع مركّب ثريّ، لا يمكن تبسيطه ضمن رؤية تقنيّة تحكمها قوانين خطّيّة.

ومن هُنا، يُشرك الدليل معلّمي ما قبل الخدمة في عمليّة التأمّل الناقد لسلوكهم المعتمد على الأفكار والمعتقدات والخبرات السابقة، ويشجّعهم على تداول أفكارهم وتفكّراتهم مع الآخرين. من مُنطلق أن التفكّر في الأفكار وفي تداولها سيؤدّي إلى صراع ذهنيّ يُحفّزهم على بناء شبكات ذهنيّة جديدة لحلّه وإعادة التوازن، ما قد ينتج عنه مواءمة المعرفة الجديدة مع المعرفة السابقة، وحصول تغيير في المفاهيم، وتعديل في السلوك أو إنتاج معرفة جديدة.

يقع الكتاب في 208 صفحة من القطع المتوسّط، ويضمّ خمسة فصول، هي: الإطار الفكريّ للتربية العمليّة المرتكز على المدخل التأمّليّ السرديّ؛ الإطار العمليّ للمدخل التأمّليّ السرديّ في برامج إعداد معلّمي ما قبل الخدمة؛ التطبيق العمليّ للمدخل التأمّليّ السرديّ في برامج إعداد معلّمي ما قبل الخدمة؛ التكنولوجيا لتعزيز الممارسات التأمّليّة؛ من واقع التجربة العمليّة.

تجدر الإشارة إلى أنّ الدليل يحتوي على ملحقٍ في نهايته يشتمل على أنشطة وتمارين مقترحة تساعد على تفعيل الذاكرة، وتنمية التفكير النقديّ والكتابة التأمّليّة لدى معلّمي ما قبل الخدمة. ومن المتوقّع أن يستفيد من هذا الدليل معلّمو ما قبل الخدمة، المعلّمون في المدرسة التطبيقيّة، والمشرف الأكاديميّ في كلّيّات التربية وإعداد المعلّمين، وأيضًا مصمّمو البرامج الخاصّة بالتربية العمليّة، ومرتادو العمل البحثيّ.

والمؤلّف هو د. وائل موسى كشك، متخصّص في مجال التربية وأساليب التعليم وتصميم المناهج. محاضر في كلّيّة التربية في جامعة بيرزيت منذ عام 2016. أستاذ مادّة الرياضيّات في المدارس لسنوات عديد. شارك في برامج كثيرة متعلّقة بالتمكين المهنيّ للأساتذة والمعلّمين في الجامعات والمدارس الفلسطينيّة. له إصدارات تتضمّن كُتبًا وبحوثًا ومقالات ودراسات في المجالين الثقافيّ والتربويّ.

و"إصدارات ترشيد التربويّة" برنامج يهدف إلى نشر كتب متخصّصة في الحقل التربويّ العربيّ، وهو أحد برامج "ترشيد" التي أنشئت من قِبل المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات، لتقديم الدعم الفنّيّ للمبادرات والمنظّمات التي تساهم في تنفيذ الخطّة الوطنيّة لقطر لعام 2030، وذلك لزيادة فعاليّة الخدمات وضمان استدامتها، واستجابةً لمسيرة التطوّر والنموّ التي تمرّ بها دولة قطر بما يتماشى مع تحقيق رؤية 2030.